يعد قطاع النقل الجوي في العالم العربي في طليعة القطاعات المساهمة في ازدهار اقتصادات الدول العربية. فبالرجوع الى مؤشرات التنمية نجد أنه خلال عام 2018 سجل هذا القطاع الحيوي ارتفاعا في عدد المسافرين، حيث بلغ حوالي 310 مليون مسافر، بنسبة 4.6 في المائة مقارنة بعام 2017، في الوقت الذي تشير التوقعات إلى استمرار وثيرة النمو خلال السنوات المقبلة، بحكم الموقع الجغرافي المتميز للمنطقة وخصوصياتها الثقافية والدينية، وكذلك لما أصبحت تتوفر عليه من بنى تحتية وخدمات ذات الجودة العالية. كل هذه العوامل ساهمت بقوة في تحقيق ناتج داخلي قدر بـ 3.6 في المائة، في الوقت الذي يساهم بـ 7.8 في المائة أي بحوالي 160 مليون دولار أميركي بالمنطقة العربية ويتجاوز 14 بالمائة في بعض دولها، كما يوفر أزيد من 63 مليون فرصة عمل، منها 6 ملايين بالدول العربية.
وبهذا سجل قطاع النقل الجوي الذي يتميز عن باقي أنواع النقل بالسرعة والفعالية والانتظام ومستوى عال من السلامة، ويعتمد على معايير تشمل الإطار المؤسساتي والقانوني والمالي والفني، خلال السنوات الأخيرة، نموا هاما في الحركة الجوية، رغم تأثير الأحداث الأليمة والأزمات الاقتصادية أو المالية التي مرت منها أغلب دول العالم.
إن استمرارية هذا النمو يبرهن على نضج قطاع النقل الجوي وقدرته الكبيرة على الـتأقلم مع مختلف المخاطر، واكتساح شرائح عريضة من المرتفقين، بفضل خفض التعريفات وتنفيذ نظم جديدة في التدبير، والاستفادة من تكنولوجيا الإعلام والتواصل.
كما أن عام 2018 كان غنياً بمجموعة من المبادرات والإنجازات التي حققتها الدول العربية في هذا الإطار، وهي فرصة للإشادة بالمجهودات المتواصلة لسلطات الطيران المدني العربية.
ولا شك أن هذه الطفرة هي نتاج عمل جاد للطاقات الواعدة والكوادر العاملة في قطاع الطيران المدني العربي. ومن هذا المنطلق تعمل المنظمة العربية للطيران المدني لتكون إطارا لتشجيع هذه الطاقات، عبر إشراكها في تنظيم تظاهرات سنوية، تتوج بتقديم جوائز تحفيزية، اعترافاً بمجهوداتها في تنمية قطاع الطيران في العالم العربي وتشجيع المؤسسات والشركات والعاملين في دفع مسيرة التميز في مجال الطيران بالإضافة الى إبراز النماذج المتميزة لإسهامات الفاعلين في مسيرة التنمية الاقتصادية والاجتماعية والسياحية. وذلك وعيا منها بالدور الهام الذي يشكله قطاع النقل الجوي في التنمية المستدامة بالدول الأعضاء، وسعيا في السير قدما بهذه المؤسسات إلى التميز على المستويين الإقليمي والعالمي.
أملنا معقود على مساهمة هذه المشاريع في تعزيز أكثر للتعاون والتكامل العربي في مجال النقل الجوي، خاصة أن منظمتنا تحظى بدعم كبير من الدول الأعضاء، وهذا الدعم يحفزنا للعمل بوثيرة أسرع وأقوى لتحقيق الأهداف المسطرة في اتفاقية تأسيسها. كما ان خيار تنظيم هذه الأنشطة يُعد ثمرة تفكير عميق لإضفاء روح التضامن والإصرار والإرادة والابتكار على عمل المنظمة والدول الأعضاء والاضطلاع به نحو التميز.
وبانخراط الجميع في إطار رؤية بعيدة المدى، فإننا سنعمل على تعزيز أواصر التعاون بيننا من جهة والمنظمات الإقليمية والدولية من جهة أخرى وكافة الفاعلين في قطاع الطيران بالعالم، من أجل إبراز الطاقات العربية، إذ تعد منظمتنا فاعلا أساسيا في هذا الإطار.
* المهندس عبد النبي منار
مدير عام المنظمة العربية للطيران المدني